تقع مدينة كربلاء المقدسة على بعد 105 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة بغداد، على حافة الصحراء في غربي الفرات وعلى الجهة اليسرى لجدول الحسينية.
وتقع المدينة على خط طول 44 درجة و 40 دقيقة وعلى خط عرض 33 درجة و31 دقيقة، ويحدها من الشمال محافظة الانبار ومن الجنوب محافظة النجف ومن الشرق محافظة بابل وقسم من محافظة بغداد ومن الغرب بادية الشام وأراضي المملكة العربية السعودية.
التسمية:
في اللغة العربية ذكر ياقوت الحموي في المعجم كربلاء بالمد حول اشتقاقه من كربله رخاوة في القدمين، جاء يمشي مكربلا، وعلله لرخاوة أرضها وتربتها ونقاء حنطتها واستشهد والكربل اسم نبت الحماض, وعلى ما ذكره مؤلف (دبستان المذاهب) يطلقون لفظة بـ (كار بالا) ومعناه الفعل الفوقي أو العلوي، فعرب بكربلاء.
وقيل تسمية كربلاء تعود في جذورها إلى العهد البابلي, وهي مشتقة من “كرب أي مصلى, و(كرٌ وبلاء), و”آل” أي الإله عند الآراميين الساميين، آي يكون معناها مصلى الإله كما ذكر ذلك الدكتور مصطفى جواد, وقيل كور بابل التي ترجع إليها التسمية ومن المحتمل ان المسلمين خففوا لفظ كربلا من كور بابل وهذا الكلام يقال أنه صحيح.
وتسمى كربلاء أيضا بأسماء أخرى قبل استشهاد الحسين بن علي )ع) واصحابه وعدد من اهل بيته تسمى :- الغاضرية، نينوى ،عقر
في 12 محرم عام 61 هـ بدا تاريخ عمران مدينة كربلاء بعد واقعة الطف بيومين حيث دفن بنو أسد رفات الإمام الحسين (عليه السلام) وأخيه العباس (عليه السلام) وأبناءه وصحبه الميامين (عليهم السلام).
وفي سنة 247 هـ أعاد المنتصر العباسي بناء المشاهد في كربلاء وبنى الدور حولها بعد قتل أبيه المتوكل الذي عبث بالمدينة وهدم ما فيها، ثم استوطنها أول علوي مع ولده وهو السيد إبراهيم المجاب الضرير الكوفي بن محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام).
في سنة 372 هـ شيد أول سور للحائر وقد قدرت مساحته 2400 متر مربع.
في سنة 412 هـ أقام الوزير (الحسن بن الفضل بن سهلان الرامهرمزي) السور الثاني للمدينة، ونصب في جوانبه أربعة أبواب من الحديد.
في سنة 941 هـ زار الشاه إسماعيل الصفوي كربلاء وحفر نهراً دارساً وجدد وعمر المشهد الحسيني.
وفي سنة 953 هـ أصلح سليمان القانوني الضريحين فأحال الحقول التي غطتها الرمال إلى جنائن.
وفي أوائل القرن التاسع عشر الميلادي زار احد ملوك الهند كربلاء (بعد حادثة الوهابيين سنة 1216 هـ) وبنى فيها أسواقا جميلة وبيوتا، اسكنها بعض من نكبوا، وبنى سورا منيعا للبلدة.
وفي سنة 1217 هـ تصدى السيد علي الطباطبائي (صاحب الرياض) لبناء سور المدينة الثالث بعد غارة الوهابيين وجعل له ستة أبواب عرف كل باب باسم خاص.
وفي سنة 1860 م تم إيصال خطوط التلغراف واتصال كربلاء بالعالم الخارجي.
وفي سنة 1285هـ/1868م وفي عهد المصلح (مدحت باشا) بنيت الدوائر الحكومية، وتم توسيع وإضافة العديد من الأسواق والمباني، وهدم قسماً من سور المدينة من جهة باب النجف، وأضاف طرفاً آخر إلى البلدة سميت بمحلة (العباسية).
وفي سنة 1914 م وبعد الحرب العالمية الأولى أنشئت المباني العصرية والشوارع العريضة وجففت أراضيها وذلك بإنشاء مبزل لسحب المياه المحيطة بها.
تبلغ مساحة مدينة كربلاء نحو 52856 كم مربعا وأرضها رخوة نقية (منقاة من الحصى والدغل) تحيط بها البساتين الكثيفة ويسقيها ماء الفرات، وثمة طريقان يؤديان إلى المدينة المقدسة، طريق تربطها بالعاصمة بغداد مرورا بمدينة المسيب وطولها 97 كم وطريق آخر تصلها بمدينة النجف الاشرف المقدسة وأيا كان السبيل الذي يسلكه المسافر فإنه سيتجه إلى مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) ومثوى شهداء الطف الكرام، فلابد له في كلتا الحالتين من المرور بطريق مخضرة تحفها بساتين الفاكهة ومزارع النخيل الكثيفة.
وتقسم المدينة من حيث العمران إلى قسمين يسمى الأول « كربلاء القديمة » وهو الذي أقيم على أنقاض كربلاء القديمة، ويدعى القسم الثاني « كربلاء الجديدة » والبلدة الجديدة واسعة البناء ذات شوارع فسيحة وشيدت فيها المؤسسات والأسواق والمباني العامرة والمدارس الدينية والحكومية الكثيرة