د. صباح غازي شريف الآغا
الفستق الحلبي من الأشجار المثمرة المعمرة التي من الممكن أن يعيش بعضها إلى ما يقارب الثلاثمائة سنة ، تتحمل ارتفاع درجات الحرارة وتحتاج إلى 500 ملم من الأمطار سنوياً تزرع عادة لثمارها اذ تبدأ الشجرة بالإنتاج في عمر 10 سنوات بشكل خفيف وبعمر 15 سنة بشكل جيد وتبلغ كامل نموها وإنتاجها في الأغلب بعد الأربعين عام من عمرها ، ينتمي الفستق الحلبي Pistacia vera L. إلى جنس البطم Pistacia L. وتعد أشجار الفستق الحلبي من الأنواع الثمينة المرغوبة كون ثمارها من البقوليات الثمينة ذات قيمة اقتصادية وغذائية عالية ومصدراً مهماً للعناصر الغذائية المعدنية والفيتامينات والأملاح وغذاء ضروري ومهم للإنسان إذ تستخدم الثمار كعلاج بديل للأورام السرطانية في الكبد ومسكن للألآم ومميع للدم ومفيدة جداً في معالجة الامراض النسائية ، وقد ذكر العالم الإسلامي ابن سينا بأن ثمار الفستق الحلبي أشد حرارة من الجوز إذ تفتح سدد الكبد وتعمل على تقوية الذاكرة وتشفي من أمراض السعال المزمن وتساعد في إزالة التقرحات الفموية ، وقال ابن البيطار إن الفستق الحلبي ثمرة طيبة تنقي الكبد وتنفع من علل الصدر والرئة ومقوياً للقلب .
بشكل عام تحتوي كل 100 غرام من بذور الفستق الحلبي ما يقارب أكثر من 550 سعرة حرارية كونها غنية جداً بالبروتينات والدهون والألياف الغذائية حيث تحتوي على نسبة 20 % من السكر و20 % من البروتينات و50 – 60 % من الدهون نسبةً إلى الوزن الجاف إذ تحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة مثل حامض الأوليك Oleic واللينوليك Linoleic واللينولينيك Linolineic وتحتوي على حامض المشبع البالماتيك Palmitic وهي غنية بالفيتامينات مثل فيتامين A وفيتامين B1 وB2 وB6 وكذلك تعد ثمارها ذات قيمة غذائية عالية حيث تحتوي على العديد من العناصر الغذائية المختلفة ولا سيما عنصر الكالسيوم والبوتاسيوم والحديد والمغنيزيوم والفسفور .
تشير جميع تقارير الأمم المتحدة إلى أهمية زراعة أشجار الفستق الحلبي في العالم من الناحية الاقتصادية من خلال البيانات الإحصائية الصادرة من منظمة الأغذية والزراعة العالمية (FAO) والتي تبين بشكل واضح زيادة الإنتاج الثمري سنوياً فبعدما كان الإنتاج في نهاية الستينات من القرن الماضي حوالي 32 الف طن و 100 الف طن في بداية الثمانينات وربع مليون طن في بداية التسعينات ونصف مليون طن في نهاية القرن العشرين ، وفي عام 2018 زاد الإنتاج العالمي للفستق الحلبي ليصل إلى 1.4 مليون طن وقد شكلت ايران مع الولايات المتحدة الأمريكية نسبة 72 % من الإجمالي العالمي ، وبين تقرير عام 2020 إلى أن ما يقرب من نصف الإنتاج العالمي من الفستق الحلبي عام 2019 جاء من الولايات المتحدة الأمريكية مع انخفاض الإنتاج الإيراني إلى 7 % بسبب العقوبات الأمريكية ضد ايران وتغير المناخ وضعف الإدارة الاقتصادية والمياه في ايران .
يعود أصل شجرة الفستق الحلبي إلى جمهورية ايران الإسلامية وتزرع على نطاقات واسعة في المناخات الدافئة أو المعتدلة وفي الأماكن المشمسة سواء كانت في الترب الطينية أو الرملية الرطبة أو الجافة ولا سيما الترب القريبة من القاعدية أو قليلة الحموضة فهي تمتد من أفغانستان إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط وكاليفورنيا وبحسب إحصائيات عام 2018 فإن جمهورية أيران الإسلامية تتصدر دول العالم بإنتاج الفستق الحلبي إذ بلغ إجمالي انتاجها 551.307 طن ثم يليها الولايات المتحدة الأمريكية ثم تركيا والصين والجمهورية العربية السورية بالمرتبة الخامسة ثم اليونان وإسبانيا وإيطاليا وأفغانستان وتزرع بكثرة في شمال العراق وخاصة المناطق الجبلية الفقيرة وبعض المناطق ضمن مدينة الموصل وقضاء سنجار .