الانزيمات سر الحفاظ على الحياة

                                                                                                د. صباح غازي شريف الآغا

     الأنزيمات محفزات بيوكيميائية جزيئية عضوية التركيب (تتكون طبيعياً داخل خلايا الكائنات الحية) ، تعمل على زيادة سرعة التفاعلات الكيميائية دون أن تستهلك في هذه العملية ودون أن تصبح جزءاً من نواتجها ، إذ تعمل على تحويل مادة التفاعل الأساس إلى جزيئات أخرى تعرف بالنواتج .

     تحتاج معظم عمليات الأيض الغذائي سواء كانت عمليات بناء أو هدم إلى الانزيمات من أجل سرعة حدوثها والتقليل من طاقة تنشيطها للحفاظ على حياة النباتات وبالتالي تصب كمحصلة نهائية في المحافظة على حياة جميع الكائنات الحية الموجودة على الأرض ، فقد تبين قدرة الانزيمات العالية بشكل عام على تحفيز أكثر من 5000 نوع من التفاعلات البيوكيميائية في الخلية ، من خلال زيادة سرعة التفاعلات الكيميائية وتخفيض طاقة التنشيط اللازمة لحدوث تلك التفاعلات وقد تصل قدراتها على تحويل مادة التفاعل الأساس إلى النواتج بملايين المرات قياساً إلى التحولات الحاصلة دون وجود تلك الأنزيمات المتخصصة .

     ثبت أن كل الإنزيمات مركبات بروتينية ذات أوزان جزيئية كبيرة وعند تحللها تعطي أحماضاً أمينية ولذا تعتبر الأحماض الأمينية هي وحدات لبناء البروتينات والإنزيمات .

     تتواجد الإنزيمات  في كل الكائنات الحية إما بصورة حرة في السيتوبلازم الخلوي أو بصورة مقيدة مرتبطة بطريقة ما مع مكونات الخلية مثل إنزيمات الأكسدة والاختزال الموجودة في الميتوكوندريا التي تساهم في عمليات أكسدة حامض البيروفيك بشكل تام أثناء التنفس الهوائي .

     تتألف معظم الإنزيمات من جزئين الأول بروتيني ويسمى الإنزيم المجرد (Apo enzyme) والثاني غير بروتيني ويسمى المرافق الإنزيمي (Co – enzyme) ويمكن فصلهما إذا كان الجزء غير البروتيني غير وثيق الاتصال بالجزء البروتيني مثل ATP و NADP و  FAD، أما إذا كان الجزء غير البروتيني وثيق الارتباط بالجزء البروتيني فيسمى بالمجموعة الملاصقة (Prosthetic group) وعادة تكون من أيونات المعادن مثل الحديد أو النحاس أو المنغنيز ، ووجود المرافق الإنزيمي أو المجموعة الملاصقة شرط لازم لنشاط وفعالية الإنزيمات .

     ومن المعروف تأثر النشاط الانزيمي بشكل كبير بدرجات الحرارة والحامضية المتطرفة الأمر الذي يؤدي بالنتيجة إلى وجود مواسم ملائمة لنمو النباتات مثل موسم الربيع والخريف في العراق ومواسم أخرى لسبات النباتات فضلاً عن تأثر النشاط الانزيمي بوجود جزيئات كيميائية معينة تعمل كمنشطات أو مثبطات لعمل الانزيمات فقد تعمل زيادة تركيز بعض الأسمدة على زيادة سمية بعض المركبات التي تسبب تثبيط عمل ونشاط الانزيمات بطريقة مشابهة جداً لما هو الحال في زيادة تركيز الادوية العلاجية والسموم في الحيوانات أو الإنسان .

     لابد لمواد التفاعل الأساسية الخاصة بالأنزيمات والداخلة في التفاعلات الكيميائية أن تنشط قبل أن تدخل في التفاعل ويتطلب هذا التنشيط قدراً من الطاقة يطلق عليها اسم (طاقة التنشيط اللازمة لحدوث التفاعل) والدور الذي تقوم به الإنزيمات هو اتمام التفاعل بأقل كمية مكلفة من الطاقة ، فحين تقل كمية الطاقة التنشيطية اللازمة للجزيء من مادة التفاعل فإن عدد أكبر من الجزيئات ينشط ويدخل في التفاعل ، أما في وجود الإنزيم فإنه يدخل مع مادة التفاعل في اتحاد كيميائي مكوناً مركباً مؤقتاً ينشط بكمية ضئيلة من الطاقة (الحرارة مثلاً) إذا ما قورنت بالطاقة اللازمة لتنشيط مادة التفاعل نفسها في غياب الإنزيم ، وبعد ذلك يتحلل هذا المركب المؤقت إلى نواتج التفاعل وينطلق الإنزيم ليعيد نفس الدورة مع جزيء جديد من مادة التفاعل الأساس .

     تشترك الانزيمات في جميع التفاعلات الضرورية للحفاظ على حياة الكائنات الحية ومنها النباتات من خلال عمليات التركيب أو التفكيك أو الإفراز أو إزالة السموم أو إمداد الكائنات بالطاقة الحيوية ولو لا الإنزيمات لما كانت الكائنات الحية قادرة على الحفاظ على حياتها وهي تمثل العامل الفعال في مختلف أنشطة الكائنات الحية سواء كانت بذور صغيرة الحجم أو كائنات حيوانية أو انسان فالرويشة والجذير يبرزان من البذرة نتيجة فعل وعمل الأنزيمات الموجودة في البذرة الحية وقد تتطور الرويشة إلى أوراق خضراء أو أزهار عطرة جميلة أو ثمار طازجة بفعل تلك الانزيمات التي لا تقبل الشك إنها سر من أسرار الحفاظ على الحياة .